حول السياسة التركية وقضية الأرمن في واشنطن

إن موت أكثر من مليون ونصف أرمني في السنوات الأخيرة من الحكم العثماني قد تم الاعتراف به رسميا على أنه” إبادة جماعية” وذلك من قبل إحدى عشرة دولة من أصل سبع وعشرين  من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.  قامت في السنوات الأخيرة وبقيادة اللجنة الوطنية الأرمنية الأمريكية وجماعات الضغط الأخرى، حركة قوية لجر حكومة الولايات المتحدة وإقناعها بفعل الشيئ نفسه. في نفس الوقت، كثفت حكومة أرمينيا الحالية  ضغطها ضد أنقرة؛ وذهبت إلى حد الطلب من الحكومة التركية الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن، وأكثر من ذلك فقد بدأ بعض السياسيين في البلاد مطالبة أنقرة بتسليم أجزاء من شرق تركيا والذي يعتبره الأرمن حقاَ  تاريخيا لهم.

 أدت حملة الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن والتي نشطت في الولايات المتحدة إلى دق إسفين بين واشنطن وأنقرة على الأخص في مارس 2010  اعتبرت لجنة مجلس النواب في الكونغرس  للعلاقات الخارجية في قرارها رقم  252  الأفعال العثمانية ضد الأرمن إبادة جماعية مما كاد أن يؤدي إلى تدهور العلاقات بين البلدين. هزم مشروع القانون  في الكونغرس جزئياً وذلك بسبب المخاوف الأمريكية من خسارة استخدام القواعد العسكرية التركية واستخدام الأراضي التركية في إرسال البضائع غير الفتاكة إلى العراق وأفغانستان. ولا تزال الحملة مستمرة.

 تعتبر أنقرة مقاومة الضغوط الكبيرة للأرمن الأمريكيين أولوية إستراتيجية لها داخل الولايات المتحدة. استثمرت الحكومة التركية مثلها مثل إسرائيل والمغرب في بناء بنية تحتية سياسية في واشنطن إضافة إلى مؤسسات أكاديمية وثقافية في جميع أنحاء البلاد وذلك لدعم أجندتها السياسية. لكن جهود جماعات الضغط التركية عانت من  انتكاسات في الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة: فقد تردت العلاقات بين إسرائيل وتركيا بعد حادث أسطول غزة في مارس2010 وهو قلل من نفوذ تركيا بشكل ملحوظ لدى الولايات المتحدة.  كما أن اختيارات بعض موظفي إدارة أوباما أثبتت أنها ليست لصالح أنقرة، فعلى سبيل المثال فإن أوباما قد عين مؤخرا سفيرا للولايات المتحدة في الأمم المتحدة سامانثا باورز(Samantha Power) وهي  مؤلفة كتاب مؤثر عن الإبادة الجماعية و مدافعة فذة من أجل الحصول على الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن.

تدعو إحدى المؤسسات الفكرية في تركيا إلى تطبيع العلاقات بين تركيا وأرمينيا لعل هذا يؤدي إلى تقليل التوترات التي طال أمدها. على كل حال فإن الجهود الحالية في هذا السياق قد تعثرت؛ وفي نفس الوقت، فإن حكومة أرمينيا والمدافعين عنها في واشنطن قد وضعوا رؤية جيو سياسية خاصة بهم تحتوي دعما ضمنياً لنظام الأسد والذي يبدو بوضوح أن الدافع له هو العداء تجاه تركيا.

Speak Your Mind

*