مقالان جديدان حول الديموقراطية والاستبداد

كان موضوع النقاش الرئيسي، في الولايات المتحدة الأسبوع المنقضي، الأزمة في واشنطن على خلفية إغلاق الحكومة الفيدرالية لمدة ثلاثة أسابيع، والتي انتهت ليلة الثلاثاء عندما أذعن الجمهوريون في الكونغرس إلى الرئيس باراك أوباما ووافقوا على إعادة فتح الحكومة. أمّا الآن، حيث انقشع الغبار عن هذه المواجهة الحادّة، عاد بعض الاهتمام إلى السياسة الخارجية. لقد نشر هذا الأسبوع على وجه الخصوص مقالان مهمان لأصوات سياسية غربية بارزة — الاثنان ذات صلة بالنهج الأمريكي تجاه العالم العربي والأجندة الأمريكية التاريخية حول التحول الديمقراطي.

خصصت يوم الأحد النيويورك تايمز مجالا لكريستوفر ديفيدسون، مؤلف الكتاب الجديد “ما بعد الشيوخ،” الذي يطرح توقعات متشائمة حول وضع الخليج المستقبلي. يرى ديفيدسون في مقاله، أن سياسة دول الخليج “الداخلية، المبنية على “الصدقات” إلى السكان, حسب تعبيره, لا يمكن تحملها ماليا، وسوف تفشل في نهاية المطاف عن تعويض الإحباط الشعبي الناتج عن عدم المساواة، والفساد, والبطالة.

وأكد أن مستقبل دول الخليج هي الديمقراطية، بقيادة الشباب. لكن ديفيدسون لم يستطع تحديد أية حركات معينة من الشباب الذي كان يعتقد أن يقود هذا الانتقال، أو يتصدى للدروس المريرة لما يسمى بـ “الربيع العربي” أي ثورات مصر وليبيا وتونس. يبدو أن آراء ديفيدسون تحضي بقبول من قبل القراء الأمريكيين الليبراليين المتعاطفين مع قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان، ولكن لم يتم الطعن في وسائل الإعلام الأمريكية في آرائه من قبل وجهات نظر بديلة حول مستقبل منطقة الخليج.

في الوقت نفسه، ومن وجهة نظر مختلفة، نشر روبرت كابلان مقالا بعنوان “ما يعني دكتاتور”، والتي تتحدى فيه الأفكار المسبقة الأمريكية عن الحكومات غير الديمقراطية في العالم اليوم. كابلان، الذي يشغل منصب كبير المحللين الجيوسياسية في ستراتفور، وهي شركة بحوث ، يقول بالأساس أن التمييز الذي يرسمه الأميركيون بين “الديمقراطيات” و “الديكتاتوريات” هو فظ جدا شبيه بالاختيار بين – الأسود والأبيض- وليس مفيدا في عالم اليوم. ويشير، كنقطة بداية إلى أنه في الكثير من دول العالم الاستبدادية وعلى مر التاريخ هناك العديد من الدرجات. فعلى سبيل المثال، طغيان ووحشية صدام حسين تنتمي إلى فئة مختلفة تماما عن الحكام المستبدين الذين جلبوا التنمية الاقتصادية والتكنولوجية وتحسين الإدارة ونوعية الحياة، مثل دنغ شياو بنغ في الصين، ومهاتير بن محمد في ماليزيا، ورئيسي الوزراء المؤسسين لسنغافورة وتايوان.

يعكس الكاتبان ديفيدسون وكابلان مدرستين مختلفتين من الفكر الغربي حول السياسات العربية اليوم. منظور ديفيدسون، المعادي للملَكيات العربية، يجد مع ذلك شعبية في أوساط النخبة المقربة من إدارة الرئيس باراك أوباما. بينما منظور كابلان هو أقل تأثيرا في واشنطن اليوم، فمن الواضح أنه هو الذي يفتح الباب أمام تفكير أكثر دقة حول الشرق الأوسط وصياغة سياسات أكثر نجاحا لإشراك القيادات العربية ومجتمعاتها.

 

Speak Your Mind

*