هل تُوجد استراتيجيةٌ أمريكيةٌ متسقةٌ لمكافحة داعش؟ في يوم 28 أغسطس، رداً على سؤالٍ لأحد الصحفيين، قال الرئيس أوباما صراحةً أن أمريكا لم يكن لديها استراتيجية متسقة. وعلى هذا فإن هؤلاءِ الذين يتشاركونَ ناقوس الخطرِ بشأن انتصاراتِ التنظيم قد اطمأنوا إلى حدٍ ما هذا الأسبوعِ عندما تعهدَ الرئيس “بتفكيك” الجماعة واتفق 10 من الدول الأعضاءِ في حلف شمال الأطلسي على تشكيل تحالفٍ لمكافحة داعش بهدف مماثل. إلا أن تفاصيل الاستراتيجية الناشئة لدحر داعش تبقى ضبابية – واقتصر النقاش العام في العواصم الغربية والعربية إلى حدٍ كبير على الجوانب العسكرية لأي حملة.
فلننحي في هذه اللحظة الأبعاد العسكرية للنضال ضد داعش جانباً، ولنسأل ماذا يعني أن تُهزم الجماعة سياسياً. لن يكون الأمر سهلاً، بطبيعة الحال. على الأراضي السورية والعراقية التي وجدتها داعش خصبةً لطموحات بناء دولتها، تم وضع “الأساس” للحركة لا لشهور أو حتى لسنوات ولكن لعقود: الهياكل السياسية المتعاقبة – تلقت معرفتها من قبل أيديولوجيات متنوعة مثل البعثية، والخومينية، والديمقراطية على الطراز الغربي – جميعها فشلت في بناء روح سياسية شاملة من شأنها التغلب على الطائفية كمبدأ تنظيمي. لم يطمح الخومينيون أبداً للقيام بذلك، في حين تظاهر البعثيون، بسخريتهم، فقط بالمحاولة. أما عن التجربة الديمقراطية الأمريكية في العراق، فقد كان من المذهل والمؤلم مراقبة السلبية التي أدارت بها كل من إدارات بوش وأوباما البلاد على أنها قوات احتلال لمدة نصف جيل – لم يبذلوا جهداً جاداً أبداً للنهوض بالمجتمع المدني، ناهيك عن دعم جهود الليبراليين العراقيين لإعادة بحث معنى “الهوية العراقية”. أولئك العراقيين الذين يحملون راية المساواة في البلاد اليوم هم أيتام سياسيين. – كما هم أولئك الذين يتشاركون معتقداتهم في سوريا.
ورغم ذلك، تبقى مرحلة ما بعد الطائفية، الأمل الوحيد لأي من الدولتين إذا كان لها إلحاق الهزيمة بداعش وإعادة تأسيس نفسها على أنها واقع سياسي. محاولة إثارة مثل هذا التغيير شاقةٌ، وسوف تواجه احتمالاتٍ صعبة. وسوف تتطلب التنسيق بين المربين ووسائل الإعلام والسياسيين ومراكز القيادة الأخلاقية – وجميعهم يحتاج الأمن والدعم. وفي أفضل الأحوال، سوف يستغرق التغيير جيلاً لتحقيقه.
هناك مؤشر صغير على أن الولايات المتحدة أو حلفائها على استعداد لتحمل المسئولية والالتزام بمثل هذا المشروع. ولكن هناك أملٌ ضئيل لسوريا أو للعراق إذا لم يتحركوا.
Speak Your Mind