فر نشطاء الإخوان المسلمين إلى دول أمريكا الجنوبة

خلال العام الماضي، تغيرت خريطة الشرق الأوسط تغيراً بالغاً فيما يتعلق بالإسلام السياسي بشكلٍ عام، والإخوان المسلمين على وجه الخصوص. وقد أعلنت كل من السعودية والإمارات ومصر الحرب على هذا التنظيم بشكلٍ فعال. في حين قامت قطر، تحت ضغوطٍ مورست عليها من بعض جيرانها، قامت بطرد – على الأقل – بعض النشطاء المنتتسبين للإخوان المسلمين، هؤلاء الذين لطالما عملوا على أراضي تلك الدولة. أما المملكة الأردنية فقد فرضت مزيداً من الضغوط على فرع الإخوان المسلمين لديها. وفي خضم هذا التحول، ظهرت موجة جديدة من النشطاء الإسلاميين الذين يفرون من العالم العربي باحثين عن ملاذٍ آمنٍ في بلادٍ بعيدة.

ولكن، إلى أي مكانٍ يفر هؤلاء إذاً، وما هي التعقيدات المُصاحبة لهجرتهم هذه؟

يبدو أن بعضاً من هؤلاء قد وجد طريقه إلى أوروبا، حيث تستعد بنية تحتية قوية للإخوان المسلمون، للترحيب بهم. وفي جميع الاحتمالات، سيُضخِّم هؤلاء صفوف المنظمات الإسلامية هناك والتي تسعى إلى غرس أفكارها بين المسلمين الأوروبيين، في هذه المجتمعات الديمقراطية التي تضم تعداداً كبيراً منهم. وقد يأتي منهم عدد أصغر نسبياً إلى الولايات المتحدة، حيث ينتظرهم هناك أيضاً قيادات الإخوان المسلمون — على الرغم من أنه سيكون الأمر أكثر صعوبة عليهم للوصول إلى البلاد بشكلٍ قانوني.

وهناك وجهة ثالثة يسهل الوصول إليها نسبياً، وهي تمثل مصدر قلق متزايدٍ للولايات المتحدة ولحلفائها من العرب كذلك وهي: قارة أمريكا الجنوبية. وتضم هذه المساحة الأرضية الكبيرة العديد من البلدان التي تضعف فيها قطاعات الأمن، وتُعرف بأنظمتها المتساهلة للرقابة على الهجرة، وبوجود دوافع مالية لديها لقبول المهاجرين القادرين على جلب الأموال معهم. أضف إلى هذا ذلك التوجه المناهض للولايات المتحدة الموجود في عدة دول بأمريكا اللاتينية الهامة، وخاصةً فنزويلا، وكذلك وجود عصابات كبيرة للمخدرات تمتلك شبكات اتصالات مع الداخل بالولايات المتحدة، وقد أصبحت معالم هذا التهديد الأمني المتزايد واضحة.

ولم يعد غريباً أن نجد العديد من الجماعات الإسلامية عابرة الحدود الوطنية، ولا سيما حزب الله والقاعدة، قد حققت بالفعل استفادة من أمريكا الجنوبية وأمريكا الوسطى في تطوير أجنداتهم: وتُظهر أدلة قضائية قوية في الولايات المتحدة، والأرجنتين، وأماكن أخرى كيف قامت هذه المجموعات بغسل الأموال، والتستر على أعضاء مطلوبين، وتوجيه مقاتلين إلى داخل الولايات المتحدة، بل وشن هجمات في بعضِ المناسبات داخل أمريكا اللاتينية نفسها. ويحذر خبراء في ظاهرة الإرهاب بأمريكا اللاتينية من عدم تحقق تقدم كافٍ من قبل هذه الحكومات تجاه معالجة هذه المشكلة، ومن عدم قيام الحكومات العربية بإنشاء شراكات أمنية مشتركة على مستوًى ذو أهمية مع هذه البلاد.

ومن المتوقع أن تؤدي الزيادة في تلك الجهود المبذولة تجاه مراقبة تدفق الإسلاميين من الأراضي العربية، لنمو النقاشات الدائرة في الأشهر المقبلة حول التهديد المحتمل الناتج من هذه المنطقة البعيدة والهامة في نفس الوقت.

Speak Your Mind

*