أحوال السعودية بعد وفاة الملك عبد الله

ودع شعب المملكة العربية السعودية الأسبوع الماضي الملك عبد الله بن عبد العزيز، رحمه الله، وعلى الفور، قام ولي العهد الأمير سلمان بأداء اليمين باعتباره الملك الجديد. في غضون ساعات قليلة، كان قد أعلن عن عدة تغييرات رئيسية لمجلس الوزراء وهو ما يُعتبر مؤشراً على أمورٍ مقبلةٍ للمملكةِ وللعالم العربي والإسلامي على حد سواء.

سوف يَرِثُ الملك الجديد كمَاً هائلاً من التحديات الخارجيةِ والداخليةِ الصعبة. في مجال السياسة الخارجية، لا بد له أن يدير الصراع مع إيران، وطموحاتها النووية، والجماعات المواليةِ لها في سوريا واليمن ولبنان. ومن المقرر أن يحافظ على التزامه باستقرار الحكومة المصرية الحالية، ورفاهية الملكيات الفقيرة بالنفط. وسوف يواصل كفاح المملكة ضد جماعة الأخوان المسلمين، وفروعها المتطرفة، والتحالف التركي القطري الذي قد دعم هذه الجماعات منذ فترة طويلة. لقد تعهد الملك سلمان بالحفاظ على سعر منخفض للنفط، بالإضافة إلى عمله على تنفيذِ إصلاحاتٍ لتنويع الاقتصاد السعودي، والتصدي للفكر الجهادي، وتلبية مطالب المرأةِ والشباب من أجل تحقيق المساواةِ وحرياتٍ اجتماعيةٍ أكبر.

سوف يتولى وزارة الدفاع الجديدةَ ورئاسةَ الديوان الملكي نجلُ الملك سلمان, الأمير محمد, وهي المرةُ الأولى التي تولى فيها أميرٌ سعودي كِلا من هذين المسؤوليتَين معاً. بالإضافة إلى ذلك، فقد تم اختيار وزير الداخلية، الأمير محمد بن نايف، ولياً لولي العهد، بعد الأمير مقرن ولي العهد. وهذا القرار يجعل الأمير محمد هو أولُ حفيدٍ للملك عبد العزيز المؤسس للمملكة، يشغل منصباً مُتبعاً في سلسلة خلافة الحكم.

،   فسوف يعتمد كثيرٌ من الأمور على إنجازات هذين الشابين على مدى السنوات القادمة. وزير الدفاع  الجديد يبلغ من العمر ٣٤ عام فقط  وهو أصغر وزير الدفاع لأي دولة في العالم اليوم.

في الوقت نفسه، فإن تصعيد وزير الداخلية محمد بن نايف إلى منصب ولي ولي العهد هو خيار يوحي بثقة هائلة، وذلك داخل المملكة وبين حلفائها في الغرب على حد سواء. ويُعتبر الأمير محمد رجل استراتيجي بارع في مكافحة الإرهاب: فمن ناحية، يقوم بتنفيذ إجراءات أمنية شديدة ضد الجماعات الجهادية، لكن من الناحية الأخرى، يحدد الطريق الصحيح نحو إعادة تأهيل الجهاديين السابقين، ودعوتهم لإعادة الاندماج في المجتمع السعودي…

ويتمتع الأمير محمد بن نايف بدعم وثقة فصائل مختلفة داخل العائلة الملكية، بما فيهم أبناء الملك الراحل عبد الله. ومن أحد أسباب ذلك أنه هو نفسه ليس لديه أبناء. إن هناك شعور بالثقة حيث يضع شؤون الدولة على قمة أولوياته باستمرار، لأنه لا يسعى إلى تعيين أحد أبنائه في المناصب العليا للسلطة.

وفي وسط المنطقة التي تعج بالفوضى، فقد حققت المملكة العربية السعودية انتقال سلس للسلطة وقدمت شعور بالطمأنينة لأولئك الذي كان برنامج الإصلاح للملك الراحل عبد الله هو بمثابة منارة الأمل لهم.

Speak Your Mind

*