حصاد عام ٢٠١٤ عند صناع القرار الأمريكيين

في هذه الأيام الأخيرة من 2014، تختار وسائل الإعلام في أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية أكثر الذكريات الدرامية تأثيراً، في أحد المناسبات التقليدية الأمريكية السنوية، من خلالِ عملية حصرٍ للأحداث القريبة. قد يكون شيئاً مثيراً للاهتمام بالنسبة لغير الأمريكيين أن ينصتوا لهذه المناقشات، لكي يكتسبوا فهماً لما يشغل تفكير الأمة الأمريكية — أو على فهم عقلية نخبة وسائل الإعلام الأمريكية.

قامت هيئة التحرير في جريدة نيويورك تايمز الأمريكية في 27 ديسمبر بتحديد عدد 15 مما يُسمى بـ “أهم قضايا” عام 2014. عشرٌ من هذه الـ 15 كانت بخصوص قضايا أمريكية محلية: ففي السياسة الاجتماعية، كان تقنين الماريجوانا وزواج المثليين في العديد من الولايات، وفي مجال فضائح النخب، كان الكشف عن تكتيكات التعذيب غير المعروفة حتى الآن من قبل وكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية، وبيع سيارات أمريكية ذات نظم سلامة معيبة للغاية.

ومن بين القضايا الخمس الباقية، والتي تتعلق بقضايا خارجية، كانت الأولى بخصوص قرار الرئيس أوباما مؤخراً، بتطبيع العلاقات مع كوبا بعد 50 عاماً من القطيعة والتوتر في العلاقات. واثنان من القضايا الخارجية كانتا بخصوص علاقة البشر بالطبيعة — على سبيل المثال، قرار الحكومة الصينية بالتقليل التدريجي للكميات المنبعثة من ثاني أكسيد الكربون الذي يسبب ضرراً بيئياً بالغاً، والاستجابة الأمريكية المتأخرة لمواجهة انتشار فيروس إيبولا في غرب أفريقيا.

كانت هناك قضيتان تتعلقان بشئون الحرب،: واحدة بخصوص الغزو الروسي لأوكرانيا، والثانية بخصوص قرار الرئيس أوباما بقصف أهدافٍ لداعش في سوريا والعراق.

ربما لم يتوقع بعض المستمعين عدم وجود سوى قضية واحدة من بين أهم قضايا العام الـ 15 التي حددتها الجرائد الأمريكية، تتعلق بالعالم العربي. وهذا أمرٌ طبيعي لبلدٍ أو مجتمعٍ يضع نفسه في مركز العالم. وهذا يفسر أمرين، أولهما سبب مفاجئة العرب بقلة اهتمام الأمريكيين بهم، والثاني هو سبب تركيز الأمريكيين بشكلٍ كبير على الشؤون الداخلية الخاصة بهم. وهناك أيضاً عامل الملل من الحرب، ذلك الذي أدى إلى تحول كل من الرأي العام ووسائل الإعلام الأمريكية بعيداً عن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بألا يكون أي منهما محل الاهتمام: فقد انطوى قرار الرئيس أوباما بإلزام الطائرات الحربية بالعمل في العالم العربي على الكثير من التردد، وقد فرضت وسائل الإعلام هذا النفور الذي أبداه تجاه الاشتراك في هذه الحرب الدائرة في المنطقة، من خلال التقليل من أهمية التدخل فيها.

Speak Your Mind

*